أحصر كلامي بلبنان المعتدى عليه أرضًا وشعبًا، وبالأزمة التي حرّكها الفلسطينيّون ابتداء من النصف الثاني من الستينات، وأنهيه باستشهاد الشيخ بشير الجميل الرئيس المنتخب لجمهورية لبنان في 14 أيلول 1982. وقد كنت خلال هذه الفترة الزمنيّة إمّا عميدًا لكليّة الآداب في جامعة الروح القدس أو رئيسًا عامًّا للرهبانية اللبنانية المارونية وعضوًا في الجبهة اللبنانية، وفي كلتا الحالين، مسؤولًا في المجتمع المدني اللبناني. دخلتُ الأحداث بسبب الفراغ الهائل من جهة، وبسبب الخوف أو تنصّل المسؤولين من عمل الواجب المفروض تجاه إلحاح المجتمع المظلوم والمتألّم، ولم أتصرّف إلاّ برغبة ملحّة من رؤسائي بعد رجوعي من الإختصاص في روما، عندما قصد البطريركيّة المارونيّة بعض الشبّان اللبنانيين مدفوعين بغيرة صادقة وبشعور خفيّ بالخطر المحدق، طالبين الإرشاد والتوجيه من غبطة البطريرك الكاردينال مار بولس بطرس المعوشي، الرجل القوي والشخصيّة القائدة والبعيدة النظر، لأن الأحداث بدأت تتطوّر بسرعة، بعد حرب سنة 1967، وإتّفاق القاهرة سنة 1969، نحو الصراع المفتوح مع الفلسطينيين الذين كانوا يفتّشون عن وطن بديل، خصوصًا بعد فشل محاولاتهم لفرض سيطرتهم على الأردن في أيلول العام 1970. أرسل غبطة البطريرك هذه المجموعة من الشبان إلى قدس الأباتي بطرس القزّي الرئيس العام على الرهبنة اللبنانية المارونيّة، الذي أرشدهم بدوره إلى جامعة الروح القدس حيث كنت في ذلك الحين عميدًا لكلّية الآداب وأستاذًا للتاريخ ومكلّفًا من رئيس الجامعة الأب إسطفان صقر بالتحضير لإنشاء وإفتتاح قسم التاريخ وعلم الآثار. وقد طلبا منّي رسميًّا الإهتمام بأمر هؤلاء الشبان وإرشادهم ومرافقة إجتماعاتهم الدوريّة.
Kamal S. Salibi
1976
Crossroads to civil war: Lebanon, 1958-1976
The author give a thorough analysis of the series of political conflicts and crises that led to Lebanon's 1975 civil war.