Logo En
الفصول شاهد مراجع تواصلوا معنا

الفصل الأول

1969 - 1978

سقوط الدولة

اللجوء الى السلاح

البدايات

تدّفق اللاجئين الفلسطينييّن منذ 1948وقد زاد عددهم حتى بلغ عام 1975 أكثر من 400 ألف نسمة. هؤلاء اللاجئون سرعان ما أدركوا أنهم يراهنون في عودتهم إلى فلسطين على أوهام تروج لها الأنظمة العربية وتتذرع بها للإستمرار، فبدأوا في تنظيم أنفسهم سياسياً ثم عسكريّاً. وعلى غرار الفلسطينّيين، تحرك نظراؤهم في البؤس والفقر: الشيعة للوصول إلى مطالبهم ورفع كابوس الحرمان. تدفق الأموال حال دون أي تذمر أو صحوة، فبدا لبنان منتعشاً بل في ذروة إنتعاشه الاقتصادي وهو يسير مسرعا نحو الكارثة. حاولت الدولة التصدي لهذه القوّة الفلسطينيّة المتنامية يوماً بعد يوم والتي كوّنت لها إمتدادات عميقة في الشارع الإسلامي. لكنّها كانت تصطدم في كلّ مرّة بضغوط عربيّة هائلة عزّزها النمو القومي في المنطقة، وعبّر عنها بشكل لافت إتفاق القاهرة عام 1969 الذي مكن الفلسطينييّن خلافاً لأي منطق من إنشاء سلطة بدأت تأخذ مكان الدولة اللبنانيّة. هذا العجز الذي أبدته السلطة اللبنانية دفع بالأحزاب والمنظمات اللبنانية إلى التسلح وزاد من الشكوك  أن المسؤولين الفلسطينيّين أنفسهم لم يستطيعوا فرض إحترام بنود إتفاق القاهرة على كلّ فصائلهم. القصف الإسرائيلي المتمادي للقرى الجنوبية الذي تسببّ في نزوح جماعي للقرويين ومعظمهم من الشيعة نحو العاصمة واعتبار ان الدولة عاجزة بل متواطئة. فانتشر النازحون الفقراء حول بيروت في أوّل حزام للبؤس إلى أكبر خزّان بشري للمنظمات والأحزاب اليسارية الطامحة الى تغيير النظام. الصراعات العربية التي أرادت تصفية حساباتها على الساحة اللبنانية فعجّلت في إنهيار التوازن الهشّ في النسيج اللبنانيّ. هكذا وجد لبنان نفسه ممزقاً بين كل النزعات العروبيّة، لم يسعفه الحرص على وجهه العربيّ وطموحه أن يكون ملقى الحضارات العربيّة والغربيّة والمتوسطيّة. كانت الحريّة مصدر إعتزاز لبنان، يغبطه عليها أبناء المنطقة العربية، وتم استغلال هذا الهامش الكبير من الحريات لتتسلّل منها كل المؤامرات لنسف ما تبقى من سلطة للدولة. في الأول من كانون الثاني 1965 قامت حركة فتح بعمليتها العسكريّة الأولى ضدّ إسرائيل إنطلاقاً من الأراضي اللبنانيّة كاشفة للمرة الأولى عن الوجود العسكري الفلسطيني في لبنان. هذه العملية الأولى أثارت مخاوف بيروت التي كانت تخشى على التوازن الداخلي فجاهرت للمرة الأولى بموقفها المعادي. في نهاية 1965 إعتقل الجيش اللّبناني أحد كوادر فتح، جلال كعوش، وفي 11 كانون الثاني 1966 أعلن الجيش وفاة كعوش منتحراً، ما أثار بلبلة كبيرة داخل المخيمات. في عام 1966 أعتقل عرفات نفسه دون أن يعلن ذلك ثم أطلق سراحه بعد تدخل سوري. بعد حزيران 1967 عادت العلاقات بين بيروت والفلسطينيّين إلى الهدوء. خصوصاً بعد الإعتراف العربي بالمقاومة الفلسطينيّة لكنّ الهجوم العسكري الإسرائيلي على مطار بيروت في 28 كانون الأول 1968 حرّك الأزمة مجددًا. تعرض الجيش اللّبناني إلى سبيل من الإنتقادات والإتهامات بالتقصير فرد بتعزيز قبضته على المخيمات الفلسطينيّة.

الأزمة وإتفاق القاهرة

في 23 نيسان 1969 بلغت التراكمات ذروتها وإنفجر الوضع عندما تصدّت قوات الأمن اللبنانيّة لتظاهرة مؤيدة للفلسطينيّين وقمعتها بالقوة. ما أدّى إلى سقوط 11 قتيلاً و82 جريحاً وتسبّبت في إستقالة الحكومة في أزمة حكوميّة مفتوحة إستمرت أشهراً طويلة وتخللتها مواجهات مسلّحة بين الفدائيّين والجيش في الجنوب والبقاع. في 30 أيّار ندّد الرئيس شارل حلو علناً وللمرة الأولى بالوجود الفلسطيني المسلّح على الأراضي اللّبنانيّة لكنّ رئيس الحكومة المكلّف رشيد كرامي إنتقد موقف الرئيس بشدة ثم إعتكف محتجاً ما أدّى إلى أزمة خطيرة على رأس السلطة. إستمرّت الأزمة ستّة أشهر ورافقتها إشتباكات عنيفة في مخيّم نهر البارد ( شمال لبنان) في 28 آب وأخرى في الجنوب في 18 تشرين الأوّل كما هوجمت مراكز حدوديّة من قبل منظمة الصاعقة الموالية لسوريا في 23 تشرين الأوّل وقامت عناصر أخرى فلسطينيّة مسلّحة باحتلال عدد من مغافر الشرطة في بيروت. ما حمّل لبنان على طلب توسط الرئيس المصري جمال عبد الناصر. الوساطة المصريّة إنتهت بتوقيع إتفاق القاهرة في 3 تشرين الثاني 1969 لتنظيم الوجود الفلسطيني المسلّح في لبنان والعمليّات العسكريّة إنطلاقاً من أراضيه. ولم تنشر بنود هذا الإتفاق الذي كان يفترض أن يكون سريّاً. هذا الإتفاق كان يفترض أن يكون حلاً للأزمة عزّز ما كان يساور بعض اللبنانييّن من شكوك وريبة خصوصاً وأن بنوده كانت غالباً ما تنتهك من قبل الفدائييّن. منظمة التحرير نسبت هذه الإنتهاكات في حينه إلى " عناصر غير منضبطة".

إستمرار الصدامات

لكنّ الصدامات المتفرّقة لم تتوقف رغم الإتفاق، وراحت المواجهات تندلع بين حين وآخر، تارة بين الجيش والفدائيين وتارة بين الاهالي والفدائيين، وبلغت هذه الصدامات الدامية ذروتها في 24 آذار 1970 في مواجهة بين المواطنين العزل والفدائيين في بلدة الكحّالة أسفرت عن مقتل 18 فلسطينياً. في 1972 وبعد وصول أعداد كبيرة من الفدائيين الذين فرّوا من الأردن ومع إجتياح منطقة العرقوب الجنوبيّة إزداد التوتر بين بيروت ومنظمة التحرير. في 13 حزيران طالب ريمون إدّه بإلغاء إتفاق القاهرة وأثار موجة واسعة من الجدل ومن الخلافات السياسيّة أجّجتها إسرائيل عندما دخلت قواتها العرقوب في 21 حزيران (48 قتيلاً و45 جريحاً) ثمّ قصفت دير العشائر في 23 من الشهر نفسه ( 50 قتيلاً و10 جرحى) ما دفع منظمة التحرير إلى التّعهد بوقف نشاطاتها. في 5 أيلول من العام نفسه قام الفدائيين بعملية ميونيخ في إلمانيا التي كانت تستضيف الألعاب الأولمبية وبعد 11 يوماً وفي 16 أيلول إجتاحت إسرائيل جنوب لبنان وسقط في هذا الإجتياح 118 قتيلاً. وبالرغم من مقاومته العدّو تعرّض الجيش اللّبناني لحملة من الإنتقادات أدّت إلى عودة التوتر مع الفلسطينيين. وساطة عربيّة وتعهّد فلسطينيّ بسحب الفدائيين من الجنوب لكنّ القتال إندلع مجدداً في 8و 9 كانون الأوّل ما تطلّب وساطة جديدة وإتفاقاُ جديداً وأدّى إلى هدنة أخرى.

أيّار 1973: حرب بين الجيش والفدائيين

في العاشر من نيسان 1973 قامت وحدة إسرائيليّة خاصّة يقودها إيهود باراك بإغتيال ثلاثة من كبار قادة فتح داخل منازلهم في بيروت . الناطق بإسم منظمة التحرير كمال ناصر والقياديّان كمال عدوان ومحمد يوسف النجار الذي قتل مع زوجته. العمليّة الإسرائيليّة أوقعت أيضاً 4 قتلى و29 جريحاً من اللّبنانييّن و40 إصابة بين قتيل وجريح من الفلسطينيّين، ما دفع رئيس الحكومة صائب سلام إلى المطالبة بإقالة قائد الجيش ثم الإستقالة بعد أن رفض الرئيس سليمان فرنجية إقالة قائد الجيش. أمين الحافظ يخلف سلام وياسر عرفات برفض أيّ دور للجيش في أمن المخيمات وبالتالي التوتر يتصاعد. في الأوّل من أيّار قام الفدائيون باختطاف ثلاثة جنود لبنانييّن ورفضوا كلّ الوساطات لإطلاق سراحهم. دافعين الأمور إلى إختبار للقوة وفي الثاني من الشهر نفسه إندلع القتال بين الجيش والمسلّحين الفلسطينييّن قرب بيروت وسقط 12 لبنانياً وجرح أربعون آخرون فيما قتل 19 فلسطينيياً وجرح ثمانون آخرون. الطيران الحربّي اللبنانيّ تدخّل في اليوم الثالث وقصف مخيم برج البراجنة فيما كانت وحدات من الجيش تشتبك مع وحدة من جيش التحرير الفلسطينيّ في البقاع عبرت الحدود السوريّة إلى لبنان. في الثامن من أيّار إتفاق لم يتم الإلتزام به لوقف إطلاق النار والحافظ يستقيل ليحلّ محلّه تقيّ الدين الصلح. سوريا تقفل حدودها وإتفاق جديد لا يطبق لوقف إطلاق النار يليه إعلان حالة الطوارىء ومنع التجوّل. في 23 أيّار 1973 رفعت حالة الطوارئ بعد إتفاق ملكارت في 17 من الشهر نفسه حيث "بحث" إتفاق القاهرة من دون أن يعدل أمّا حصيلة المعارك فكانت 108 قتلى و224 جريحاً وتدمير 1160 منزلاً. إتفاق جديد على التطبيع بين فرنجية وعرفات في الأول من حزيران أعقبه إلغاء حظر التجول وهدوء لم يستطع تبديد الشكوك والحذر على الرغم من إنشاء لجان مشتركة. ما جعل منه نوعاً من السلم المسلّح تقطعه الصدامات بين الحين والآخر. في 16 أيّار 1974 شنّت إسرائيل هجوماً دموياً في جنوب لبنان أوقع أكثر من 300 إصابة بين قتيل وجريح. لكن بيروت ، وتجنباً لأي مواجهة جديدة مع منظمة التحرير، إرتأت أن تلوذ بالصمت وذهب فرنجية إلى أبعد من ذلك فوعد بالعفو عن الفلسطينييّن الذين أوقفوا في أيّار 1973. وأمام ما كانت تصفه بالسلبيّة والشلل من الجانب اللبناني ضاعفت الأحزاب والتجمعات المسيحيّة من وتيرة تسلّحها لتخوض أولى مواجهاتها الكبيرة مع الفدائيين في 29 تموز 1974 في الدكوانة شرق بيروت حيث سقط عشرة قتلى وأربعون جريحاً. إستقال تقيّ الدين الصلح في 22 أيلول ليخلفه رشيد الصلح في 30 تشرين الأول فيما كانت القمة العربية في الرباط تكرّس منظمة التحرير ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني وفيما كانت الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة تستقبل عرفات وفرنجية في تشرين الثاني 1974. في الأمم المتّحدة رفع فرنجية لواء الدفاع عن القضيّة الفلسطينيّة متحدثاً باسم العرب جميعاً ليعود بهدنة جديدة وفّرت بعض الهدوء وإن لم تبدّد التوتر بين الجيش والفدائيين أو تحمل أي تطمين للمسيحيين الذين ضاعفوا إستعدادتهم لمواجهة ما سمّته عسكرة المخيمات الفلسطينيّة.

بين 1975 و 1978

بداية 1975 وفي أعقاب عدوان إسرائيلي كبير في الجنوب بحجة عمليات فدائية على الحدود الاسرائيلية\الفلسطينية وجّه رئيس حزب الكتائب بيار الجميل رسالة إلى الرئيس سليمان فرنجية في 24 كانون الأول إنتقد فيها بشدة سلبيّة الدولة أمام "التجاوزات الفلسطينيّة" ما زاد في إنقسام اللبنانييّن المنقسمين أصلاً حول الدور الذي يجب أن يلعبه الجيش في الأزمة المتصاعدة. كان الجيش المدرّب تدريباً جيّداً قوّة شبه مشلولة في الواقع لأنه أراد تجنّب أيّ إنقسام في صفوفه وأرتأى أن ينأى بنفسه عن التجاذبات السيّاسيّة القائمة بين منتقديه. وهم في غالبيتهم من المسلمين ومن اليسار وبين أنصاره و داعميه وهم في غالبيتهم من المسيحييّن. وكان الجيش غالباً ما يصطدم بالفدائيين في الجنوب قبل أن يخوض حرباً مكشوفة عليهم في أيّار 1973 في بيروت ويتمكن من إنهاء ما سميّ بدولة الخارجين على القانون في طرابلس ليعيد الأمور إلى نصابها في أيدي قوّات الأمن الشرعية. البلاد بأسرها كانت تعيش سياسياً وإجتماعياً هاجس الشرارة الأولى. في هذا المناخ من الجدل المحتدم حول العمل الفلسطيني المسلح إنطلاقاً من لبنان، كانت مدينة صيدا تتظاهر في 26 شباط 1975 ضدّ إحدى شركات صيد الأسماك للدفاع عن حقوق صغار الصيّادين. أحد قادة التظاهر كان معروف سعد نائب المدينة السابق والذي كان في مرحلة التفاوض مع الشركة المعنية. لم تكن هناك أي مواجهات عندما أطلقت النار فجأة وأصابت رصاصتان النائب سعد الذي نقل إلى المستشفى في حالة خطرة لم يعرف أحد أطلق النار أو لماذا. توفي معروف سعد في 6 آذار ودفن ملفوفاً بالعلم الفلسطيني فأجّج مقتله الخلاف بين أنصار الجيش ومنتقديه. وبعد إصابة سعد إندلعت صدامات خطيرة في صيدا وسجلّت إضطرابات في طرابلس بينما شهدت بعض شوارع بيروت بناء متاريس أقيمت على عجل، فيما كانت الحصيلة حتى الأوّل من آذار 19 قتيلاً بينهم عدد من العسكريين و91 جريحاً. يوم الأحد الثالث عشر من نيسان 1975 تعرضت حافلة كانت تقل فلسطينييّن لوابل من الرصاص فيما كانت تعبر شوارع ضاحية عين الرمانة في جنوب بيروت، حيث كان رئيس الكتائب بيار الجميل يحضر قداساً هناك. قتل في الحادث 27 فلسطينياً وجرح 19 آخرون وإتهم الفلسطينيّون الكتائب بأنهم كمنوا للحافلة وأمطروها بالرصاص بينما ردّ الكتائب بأنهم تعرّضوا للإستفزاز. كان الجوّ شديد التوتر في عين الرمانة لأن عنصرين من الكتائب قتلا قبل ساعات وفي اليوم نفسه برصاص أطلق عليهما من سيارة مجهولة سرعان ما إختفت. فور إنتشار النبأ سمع إطلاق نار وإنتشر المسلحون في عدد من أحياء بيروت وكانت الشرارة التي اعتبرتها الرواية الرسمية بداية الحرب في لبنان .

الجولات السبع

الجولة الأولى: 13 نيسان - 30 حزيران 1974 اتّسمت هذه المرحلة بالقتال بين الفلسطينيين والاحزاب المسيحية وابرزها حزب الكتائب ونمور الاحرار، ما أدّى إلى أزمة حكومية تحوّلت بدورها إلى صراع بين اللبنانيين أنفسهم. انتهت هذه الجولة بتشكيل "حكومة الإنقاذ" المؤلّفة من ستة أعضاء برئاسة رشيد كرامي. الجولة الثانية: 1 تموز - 24 أيلول 1975 تميّزت هذه المرحلة بوقف مؤقت للقتال، استمر حتى أوائل أيلول 1975 عندما اندلعت مواجهات واسعة النطاق أدّت إلى تدمير المنطقة التجارية في وسط بيروت. انتهت هذه المرحلة بتشكيل "لجنة الحوار الوطني" المؤلّفة من عشرين عضواً. الجولة الثالثة: 25 أيلول 1975 - 13 شباط 1976 تميّزت هذه المرحلة باستمرار الجهود للتوصل إلى اتفاق حول الإصلاحات السياسية. لم يعد القتال يدور على جبهات ثابتة، حيث نجحت كل من الاحزاب والتجمعات المسيحية اللبنانية و"الحركة الوطنية اللبنانية" و"المقاومة الفلسطينية" في اجتياح مواقع بعضها البعض. في كانون الثاني، اشتد الصراع ذات الطابع اللبناني-الفلسطيني. ومع نهاية هذه المرحلة، تم التوصل إلى اتفاق حول الإصلاحات من خلال وساطة حاسمة للنظام السوري. الجولة الرابعة: 14 شباط - 11 آذار 1976 تميّزت هذه المرحلة بإعلان "الوثيقة الدستورية" وتكريس الجهود السورية للوساطة في محاولة لإيجاد حل للصراع. لكن مشكلتين رئيسيتين بقيتا دون حل: عدم القدرة على تشكيل حكومة مصالحة وطنية، واستمرار تفكك الجيش اللبناني. انتهت هذه الجولة بانقلاب الملازم أحمد الأحب، في محاولة يائسة لإعادة توحيد الجيش اللبناني. الجولة الخامسة: 12 آذار - 31 أيار 1976 أدخل انقلاب الأحدب البلاد في مرحلة جديدة، حيث أدّى طلبه استقالة الرئيس سليمان فرنجية إلى تغيير في الوضع السياسي. ومع ذلك، لم يتمكّن من إعادة توحيد الجيش، ولم يستقل فرنجية، إلا أنّ رئيسًا جديدًا، إلياس سركيس، تمّ انتخابه. بالتزامن مع ذلك، شنّ كمال جنبلاط حملته العسكرية في جبل لبنان ضد الجبهة اللبنانية، ما زاد من تعميق الخلاف بين "الحركة الوطنية اللبنانية" وسوريا إلى درجة لا يمكن إصلاحها. الجولة السادسة: 1 حزيران - 22 أيلول 1976 بدأت هذه المرحلة بالتدخل العسكري السوري ضد "المقاومة الفلسطينية" و"الحركة الوطنية اللبنانية"، ما أدّى إلى تدخل محدود من جامعة الدول العربية في الصراع وإرسال "قوة أمن عربية رمزية" للفصل بين المتحاربين. كما شهدت هذه المرحلة سقوط مخيم تل الزعتر الفلسطيني في أيدي مقاتلي الاحزاب المسيحية و"جيش لبنان"، وهو ما شكّل نقطة تحول في الحرب الأهلية. انتهت هذه الجولة بانتهاء ولاية الرئيس فرنجية. الجولة السابعة: 23 أيلول - 9 كانون الأول 1976 بدأت هذه المرحلة بتولي الرئيس إلياس سركيس مهامه، حيث شنّت القوات السورية على الفور هجومًا عسكريًا ثانيًا ضد قوات "الحركة الوطنية اللبنانية" و"المقاومة الفلسطينية". كان مؤتمر القادة العرب الستة في الرياض في 16 تشرين الأول 1976 حاسمًا في إنهاء النزاع اللبناني، حيث تمّ إنشاء "قوات الردع العربية"، التي تألّفت في معظمها من القوات السورية، للحفاظ على الأمن والنظام. تزامن انتشار هذه القوات في الأراضي اللبنانية مع تشكيل حكومة جديدة برئاسة سليم الحص، ما شكّل نهاية الحرب الأهلية.

المواجهات بين القوات اللبنانية والجيش السوري وصعود بشير الجميل (1977 – آب 1978)

حين دخلت القوات السورية إلى لبنان عام 1976 تحت غطاء "قوات الردع العربية"، كانت السردية الرسمية تزعم أنها جاءت لإنقاذ الدولة اللبنانية من الانهيار. غير أن التطورات اللاحقة، لا سيما بين عامي 1977 و1978، كشفت عن مشروع أبعد بكثير من مجرد "ردع" داخلي، بل عن خطة مُمَنهجة لتفكيك الجبهة اللبنانية، وفرض وصاية مباشرة على المناطق المسيحية. في هذا السياق، شكّلت المواجهة مع القوات اللبنانية، وخصوصًا حرب المئة يوم، أول اختبار حقيقي لمقاومة مسيحية مسلّحة قررت أن لا تنكسر.

أولًا: سوريا والتوجه نحو السيطرة الكاملة

بدأت دمشق بإعادة تعريف مهمتها في لبنان، لا بصفتها قوة فصل بين المتنازعين، بل طرفًا يريد التحكم بمفاصل القرار اللبناني. كان المطلوب إنهاء أي حالة عسكرية – سياسية مستقلة خارج الإرادة السورية، وعلى رأسها القوات اللبنانية. لم تكن هذه النية خفية، بل عكستها خطوات مدروسة:

ثانيًا: تفكيك الجبهة اللبنانية – "إهدن" كنموذج

ما بين نيسان وحزيران 1978، دفعت سوريا نحو تصعيد الخلافات داخل الجبهة اللبنانية. كانت حادثة إهدن واغتيال النائب طوني فرنجية وعائلته، رغم مأساويتها، محطة مثالية لسوريا لإحداث شرخ في الصف المسيحي. فبتغذية الصراع بين الكتائب والمردة، تمكنت دمشق من سحب المردة من المعادلة المسيحية الموحدة، وتحويلهم إلى حليف مباشر للنفوذ السوري. لقد أدركت القيادة السورية أن تفكيك النسيج المسيحي من الداخل هو السبيل الأسهل لضرب القوات اللبنانية، دون الاضطرار إلى صدام شامل في البداية.

ثالثًا: من التحرش إلى الحرب – الطريق نحو المئة يوم

ابتداءً من أواخر 1977، بدأت القوات السورية تحرشات عسكرية متقطعة على خطوط التماس مع المناطق الشرقية، خصوصًا في المتحف، السوديكو، والرميل. كانت هذه الهجمات تهدف إلى استنزاف القوات اللبنانية وتهيئة الأرض لمعركة أكبر. في تموز 1978، ومع فشل سياسة الضغط التدريجي، قررت دمشق الانتقال إلى الهجوم المباشر، فشنّ الجيش السوري واحدة من أعنف الحملات العسكرية ضد الأشرفية، استمرت مئة يوم متواصل من القصف المدفعي والقنص ومحاولات الاختراق.

رابعًا: بيروت الشرقية تصمد – صناعة رمز المقاومة

رغم تفاوت موازين القوى، استطاعت القوات اللبنانية أن تحبط الهجوم السوري وتمنعه من تحقيق أهدافه. الصمود الذي أبدته القوات، مدعومًا بالتفاف شعبي واسع، حوّل بيروت الشرقية من منطقة جغرافية إلى رمز وطني مسيحي للرفض والكرامة. تحوّلت المواجهة من معركة حدود إلى معركة وجود وهوية:

خامسًا: نتائج المواجهة – ما بعد المئة يوم

  1. فشل سوري استراتيجي في فرض السيطرة على بيروت الشرقية.
  2. ترسيخ الخط الفاصل بين الشرق المسيحي والغرب الخاضع سوريًا.
  3. تبلور العقيدة السياسية – العسكرية للقوات اللبنانية كقوة سيادية.
  4. عزل المردة عن القرار المسيحي، مما أدى إلى إعادة تشكيل التوازن داخل المناطق الشرقية.
الأهم، أن هذه المواجهة نقلت الصراع من إطار "الحرب الأهلية" إلى مواجهة بين الهوية اللبنانية المستقلة والاحتلال السوري المقنّع.

خاتمة

ليست حرب المئة يوم مجرد فصل دموي من الحرب اللبنانية، بل لحظة تأسيسية للوعي السيادي المسيحي، ولحظة إشهار المقاومة السياسية والعسكرية بوجه الوصاية السورية. لقد أرادت دمشق أن تدخل بيروت الشرقية عسكريًا، لكنها خرجت منها بخسارة سياسية مدوية. من هنا، يجب إعادة قراءة تلك المرحلة لا كمواجهة تكتيكية، بل كاشتباك استراتيجي طويل بين مشروعين: مشروع الدولة الحرة، ومشروع الهيمنة الشاملة.




لم تكن الشرارة الاولى للمواجهات المسلحة في هذا النهار الا ان الرواية الرسمية للحرب تعتبر ان الحرب اللبنانيّة اندلعت في نيسان سنة 1975 بعد حادثة "البوسطة" ولكن ربما اختصار بدايات الحرب هو بحد ذاته للتعتيم على الحقيقة. وبعد وقف اطلاق نار استمر شهرين استأنفت المواجهات المسلحة في شهر أيلول. عرفت المواجهات المسلحة المتقطعة باسم الجولات ووصل عددها الى 7 بين نيسان وأيلول 1975.

في 11 أيلول 1975، تعرّضت بلدة بيت ملّات في عكار، والتي يَغلب على سكانها الطابع الماروني، لهجوم مسلّح عنيف. أسفر الهجوم عن سقوط عدد من الضحايا، واندلاع حريق أتى على الكنيسة و65 منزلاً. وكانت المحصّلة غير الرسمية ثمانية شهداء وعشرات الجرحى، معظمهم من كبار السنّ والقاصرين.

شهدت البلدة إثر ذلك واحدة من أفظع موجات النزوح في المنطقة، حيث اضطر نصف سكانها إلى مغادرتها: نحو 200 عائلة لجأت إلى كسروان، و200 عائلة أخرى نزحت إلى سوريا. وبحسب الشهادات، فإن المهاجمين كانوا يُجبرون أهالي البلدة عند دخولها على إشهار إسلامهم تحت التهديد، فيرضخون مرغمين، فيما كانت النساء بين المهاجمين يطلقن الزغاريد خلال الاعتداء.

اغتيال 4 شبان كتائبيين في منطقة الفنار على يد قوات الصاعقة المتمركزة قرب تل الزعتر وادت هذه الحادثة المفتعلة الى ردود فعل عشوائية في بيروت اليوم التالي وعرفت حوادث ذلك النهار بالسبت الاسود

بعد تصاعد المواجهات وارتفاع وتيرة المعارك وظهور أسلحة جديدة لدى الفدائيين، بدأت المنظمات الحزبية المسيحية واللبنانية بتنظيم مخيمات تدريبية بدائية لتمكين الشباب والشابات اللبنانيين من معرفة كيفية الدفاع عن النفس.

وفي 14 كانون الأول، أطلقت المجموعات اللبنانية والمسيحية حملةً عسكرية للحد من المخاطر الناتجة عن المخيمات الفلسطينية، مثل مخيم ضبية. وفي 18 كانون الأول، اقتحمت هذه المجموعات المسلحة اللبنانية والمسيحية منطقتَي المسلخ والكرنتينا.

في 20 كانون الأول وعلى خلفية قرار الرئيس حافظ الأسد التدخل بشكل مباشر في الأزمة اللبنانية وإرسال عبرت وحدات من جيش التحرير الفلسطيني تحت قيادة ضباط سوريين الحدود اللبنانية بنحو 3 الاف رجل ودعموا منظمة التحرير الفلسطينية في حصار زحلة. خلال كانون الثاني، كان مقاتلوا الحركة الوطنية اللبنانية والفلسطينية قد تمكنوا من السيطرة على 70% من الأراضي اللبنانية.

حاصرت الفصائل الفلسطينية لقوات الصاعقة وجيش التحرير الفلسطيني المدعومة من سوريا مع ميليشيات الحركة الوطنية كل من الدامور والجية حيث دمر المهاجمون المدينتين بشكل منهجي وانتكبوا مجازر باهلها الذين تركوا بيوتهم مرغمين.

كان الجيش اللبناني قد تفكك على طول الخطوط الطائفية فبدعم ضمني من حركة فتح أعلن الملازم المسلم السني أحمد الخطيب في كانون الثاني سنة 1976 أن عدة وحدات من الجيش اللبناني قد إحتشدت لتشكيل جيش لبنان العربي

14 شباط 1976 توجه سليمان فرنجية ورئيس الوزراء رشيد كرامي إلى دمشق وتوصلا إلى إتفاق حول الوثيقة الدستورية التي أحالها فرنجية إلى الشعب اللبناني. تم اقتراح الاتفاق في ظل معارك عنيفة وانقسام العاصمة بيروت

إحتل العميد المسلم السني عبد العزيز الأحدب الراديو والمحطة التلفزيونية في بيروت وأعلن نفسه حاكماً مؤقتاً في لبنان.

سيطر مقاتلو منظمة التحرير الفلسطينية وميليشيا الحركة الوطنية لاسيما المرابطون السنة على مواقع ميليشيا الكتائب في منطقة الفنادق وسط بيروت وهذا ما أدى إلى إكتمال تقسيم العاصمة إلى شرقية وغربية على طول الخط الأخضر ألذي إمتد من عين الرمانة والشياح على طول الطريق السريع في دمشق عبر ساحة الشهداء إلى البوابة الغربية للميناء، وهو تقسيم عسكري وسياسي وطائفي دام ل 15 سنة

بعد الغياب شبه الكامل للدولة عن المناطق وتدهور الوضع الأمني بشكل متزايد، وتفاقم نفوذ المنظمات الفلسطينية وحلفائها، بدأت تظهر دعواتٌ لتوحيد البندقية والقيادة العسكرية للأحزاب اللبنانية والمسيحية. وقد استُخدم مصطلح «القوات اللبنانية» للمرة الأولى خلال حرب المتن، وذلك للإشارة إلى تحالف الميليشيات المسيحية، والذي لم يكن آنذاك يتمتع بأي هيكلية تنظيمية واضحة

هجوم جيش لبنان العربي والقوى المشتركة على قضاء المتن من صنين وصولا الى بلدة المتينحيث توقف الهجوم بعد معلومات عن تحضيرات ضخمة بدات تتشكل لصد الهجوم من قبل القوى المسلحة اللبنانية من مختلف المناطق وخاصة من المتن

توغل الجيش السوري في وادي البقاع وعكار وشمال لبنان بهدف إعادة إرساء السلام، وانتشرت قواته باتجاه جبل لبنان بموافقة ضمنية من إدارة الرئيس الأميركي جيرالد فورد وإسرائيل. من جهتهما، أيّد بيار الجميل والرئيس السابق كميل شمعون التدخل السوري، في حين انتقد التيار الراديكالي داخل حزب الكتائب وحزب الوطنيين الأحرار والمنظمات المسيحية الأصغر الأخرى تساهُل القادة المسيحيين مع هذا التدخل السوري المسلح في لبنان. والجدير بالذكر أن الدخول السوري لم يأتِ بطلبٍ من أي طرف، بل فُرض نتيجة الضغط العسكري وأحيانًا التدخل المباشر ضد مدنٍ وقرى ومناطق القيادات المسيحية.

في فجر الخامس من تموز عام 1976، نفذت قوات كبيرة من التنظيمات الفلسطينية والمجموعات العشائرية والأحزاب الموالية لسوريا هجوماً واسعاً على بلدة شكا. تقدّرت أعداد هذه القوات بالآلاف، حيث تحركت عبر تلال كفرحزير وسهل أنفه ورأس نحاش وحامات وصولاً إلى نفق شكا، في حين قامت مجموعة فلسطينية أخرى بتنفيذ عمليات إنزال على شاطئ الهري. وخلال أقل من ساعتين، أصبحت شكا محاصرة من جميع الجهات، حيث استُهدفت بآلاف القذائف، فيما واجه هذا الهجوم عشرات فقط من المقاومين اللبنانيين الذين تولّوا الدفاع عن البلدة وسط اجتياح واسع النطاق.

بداية معركة تل الزعتر وفاة القائد العسكري للكتائب وليم حاوي في أرض المعركة ومن ثم تم إنتخب بشير الجميل قائداً لمجلس أمن الكتائب في اليوم نفسه.  نفذت عملية تل الزعتر ست ميليشيات مختلفة: التنظيم، النمور، الكتائب وحراس الأرز وحركة الشباب اللبناني وجند المشاة والمدفعية لجيش لبنان المؤلفة من الضباط المسيحيين  في الجيش اللبناني برئاسة الرائد فؤاد مالك وتم تنسيق الهجوم من خلال مجلس قيادة عسكرية مشتركة مؤلفة من بشير الجميل وفؤاد روكز(الكتائب) داني شمعون ونبيل كرم (النمور) فوزي محفوظ (التنظيم) وإتيان صقر (حراس الأرز)

 20 وقف الرئيس حافظ الأسد في جامعة دمشق أمام هيئات الإدارات المحلية ليلقي خطابه الشهير ويروي فيه قصّة دخول جيشه إلى لبنان. قال يومها إنه عندما أمر بدخول قواته إلى لبنان تحت اسم جيش التحرير الفلسطيني و لم يأخذ إذناً من أحد وأنّه اتصل بعدما أصبحت هذه القوات داخل لبنان بالرئيس سليمان فرنجية ليعطيه علماً بذلك

مع انتهاء معركة تل الزعتر تاكدت الحاجة الى خلق جهاز عسكري موحد، فاجتمع بشير الجميّل مع فوزي محفوظ، زعيم التنظيم، لدفع مشروع توحيد الميليشيات المسيحية. وبعد أيام، دعا قادة الميليشيات المشاركة في معركة تل الزعتر لوضع أسس دمجها تحت قيادة عسكرية واحدة، وتم الاتفاق على تأسيس تنظيم عسكري جديد هو «القوات اللبنانية».

حُدد هدف القوات اللبنانية بتحرير الأراضي اللبنانية من جميع القوات الأجنبية، وتكونت من مجلس قيادة موحّد يضم ممثلين عن الكتائب، والنمور، والتنظيم، وحراس الأرز، بالإضافة إلى رئيس أركان. اتُّخذت القرارات بالأغلبية المطلقة مع احتفاظ الكتائب والنمور معاً بحق النقض. عيّنت الأحزاب أعضاء المجلس لمدة سنة، ينتخب بعدها المجلس قائداً عاماً ونائباً له.

ركّز النظام على تنظيم القوات المسلحة وتوحيد زيّها العسكري وثكناتها وإحصاء أسلحتها ووضعها تحت تصرف القيادة الموحدة. تأسس المجلس رسمياً في 30 آب 1976، وعُيّن العقيد زهير الراشد رئيساً للأركان

بالتوازي مع تشكيل القوات اللبنانية، تمّ إنشاء الجبهة اللبنانية في كانون الثاني ١٩٧٧، وهو مجلس سياسي للقيادة المسيحية في لبنان. وأكد ميثاق الجبهة الحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله السياسي، وأعرب عن استعداد القادة الموارنة للنظر في بعض التعديلات للميثاق الوطني لمصلحة المجتمع المسلم. وحضر قائد القوات اللبنانية بشير الجميّل اجتماعات الجبهة فقط عندما تم التطرق إلى المسائل العسكرية.

أقامت القوات السورية في لبنان، التي تعمل تحت إطار اتفاق الرياض، حواجز في المناطق المسيحية. وسارع بشير الجميّل إلى توجيه الانتقادات اللاذعة إزاء المخالفات التي كان يرتكبها الجنود السوريون. وفي ٢٤ كانون الثاني قام بتنظيم إضرابٍ في بيروت الشرقية، ضد انتشار القوات السورية في الشرقية.

في وقت لاحق، تم اعتقال بشير الجميّل عند نقطة تفتيش سورية في الشرقية، ولم يُفرج عنه إلا بعد تدخل ضابط سوري رفيع المستوى.

اغتيال كمال جنبلاط يوم 16 اذار 1977 هو واثنين من مرافقيه بواسطة مجهولين تبين بعد عدة ايام انهم من المخابرات السورية وتعرض مسيحيو الشوف لردات فعل انتقامية غرائزية اودت ب حياة حوالي 177مدنيا عزل اغلبيتهم من المسيحيين

في أيار١٩٧٧ طالبت الجبهة اللبنانية بإبطال اتفاق القاهرة، وأوصت بإخراج المئتين ألف مدني فلسطيني الذين دخلوا البلد بصورة غير شرعية إلى دول عربية أخرى. كما رفضت الجبهة مناقشة الإصلاحات السياسية قبل تحقيق هذه المطالب. رفض النظام السوري رفضاً قاطعاً الحلول التي قدمتها الجبهة اللبنانية. فاصدر مجلس قيادة القوات اللبنانية الموحدة القرار 39 الذي يدعو كل الميليشيات المسيحية الى تسليم لائحة بكل المعلومات اللازمة المتعلقة بالأسلحة والذخائر التي تحصل عليها وكان التزام كامل من قبل الكتائب والنمور.

بداية المواجهات المباشرة مع الجيش السوري ومجموعات كتائبية من بشري قيادة سمير جعجع ومجموعات مركزية

أعيد انتخاب بشير الجميل قائدًا عاما للقوات اللبنانية، واحتل نبيل كرم منصب العقيد الراشد كرئيس للأركان. وجمّد مجلس القيادة الموحدة مشاريعه الإدارية وخضعت الميليشيات المسيحية لتدريب عسكري مكثف بغية إعداد نفسها للمواجهة المقبلة مع الجيش السوري

اشتبك الجيش اللبناني بقيادة الضابطين سمير الأشقر وإبراهيم طنوس مع القوات السورية التي أقامت حاجزًا أمام المدرسة الحربية في ثكنة الفياضية. أسفر الاشتباك عن عدد كبير من الضحايا، لا سيما في صفوف السوريين . ردت القوات السورية بقصف وحشي على ثكنة الفياضية استمر عدة أيام. بعد ذلك بوقت قصير، انضم التنظيم والنمور إلى المعركة وشاركوا في قتال الشوارع ضد القوات السورية في الأشرفية وعين الرمانة.

احداث الفيضية ظهرت موقف النظام السوري الحقيقي من الاحداث وتحول الدور الى جيش احتلال. وبدا العمل على انقسام الجبهة اللبنانية. وبعد ذلك بوقت قصير، انتقد الرئيس السابق سليمان فرنجية ميل الجبهة اللبنانية إلى توثيق التعاون مع إسرائيل. تزايد التباعد بين سليمان فرنجية والكتائب وبعد سلسلة من الاحداث واغتيالمسؤول في حزب الكتائب في زغرتا جود البايع في 7 حزيران 1978.
فشل وساطة البطريرك الماروني انطونيوس خريش واتخذ حزب الكتائب قرار الرد على هجمات فرنجية ضد قادته وانصاره في شمال لبنان.

اتت حادثة اهدن في 13 حزيران 1978 ومقتل نجل سليمان فرنجية طوني بعد قرار مواجهة اتخذ في المكتب السياسي الكتائبي كرد على مقتل جود البايع.

ادت هذه الحوادث الانتقامية من مسلحي فرنجية الى تهجير الكتائبيين من القرى الشمالية ولجوء القسم الاكبر الى دير ميفوق-جبيل عزل حيث لجؤوا الى رهبان الدير. كانت هذه التطورات السبب المباشر لتاسيس ثكنة القطارة بقيادة سمير جعجع

مجزرة نفذها الجيش السوري في بلدات القاع ورأس بعلبك وجديدة الفاكهة

بالاستناد الى احد التقارير السرية الذي تلقته الاجهزة الامنية في تلك الفترة <أنه نحو الساعة السادسة من مساء الثلاثاء 27 حزيران، شوهدت عناصر

 لوحدات الخاصة السورية في بلدة القاع بقيـــــادة ضابط برتبة رائد يدعى علي ديب، تقوم بنــــزع ثيـــــابها العسكريـــــة وارتــــــداء ثيــــــاب مدنيــــة، قـــــــامت بدخــــــول أحيــــــاء بلـــــدة رأس بعلبك، حيث تم اقتياد مجموعة من ستة شبان، وفي  الوقت نفسه دخلت مجموعة أخرى بلدة جديدة الفاكهة لتقتاد خمسة آخرين، وقامت قوة من المجموعة نفسها بمداهمة بلدة القاع وكانت تحمل لائحة تضم أسماء بعض أبناء القاع، واعتقلت 15 شاباً من منازلهم.

وفق التقرير ان العديد من الأهالي تعرفوا على المسلحين وتحدثوا مع عدد منهم، وان إحدى السيدات من قرية البزالية البعلبكية أخبرت أحد عناصر الأجهزة الأمنية اللبنانية أنها شاهدت سيارات عسكرية سورية تنقل أشخاصاً مدنيين شرق البلدة في محلة وادي الرعيان، وسمعت لاحقاً دوي إطلاق رصاص بغزارة، ثم شاهدت السيارات تعود خالية من الأشخاص، وعلى أثر المعلومات التي أدلت بها السيدة توجه العنصر اللبناني إلى الموقع الذي أشارت إليه فوجد جثث 26 شاباً مكبلي اليدين من الوراء ومرمية على الأرض وممزقة بالرصاص.

بدأت حرب المئة يوم وفي حلول منتصف تشرين أصبح جلياً أن الحرب السورية ضد القوات اللبنانية والجبهة لم تحقق أهدافها ودعا مجلس الأمن إلى وقف القتال وفسرت القوات بيان مجلس الأمن الدولي على أنه شكل من أشكال الإعتراف الدولي بمكانتها.

حرب المئة يوم تمكنت من خلالها القوات من تسجيل إنتصار سياسي وتعزيز موقعها العسكري في بيروت الشرقية كما شهدت الصعود السريع لبشير الجميل.




من ذاكرة القضية

تقرير

الخلاصة

ممّا لا شك فيه أنّ القوات اللبنانيّة برزت مع أحداث حرب السنتين بسبب الحاجة الماسة إليها كمؤسسة عسكرية بإمكانها ملء الفراغ العسكري الذي أحسّ به الجانب المسيحي إثر عدم التوازن المسلح بين فئتين تشكلان المجتمع اللبناني: الأحزاب والتجمعّات اللّبنانيّة المسيحيّة سياسيّاً على اليمين، وهي تحظى بدعم الغالبيّة العظمى من المسيحييّن خصوصاً الموارنة. هذا المعسكر كان يرى من واجبه القتال لمنع منظمة التحرير الفلسطينيّة وحلفائها المحلييّن من وضع يدهم على الدولة. معسكر اليمين هذا يضم الكتائب وحزب الوطنييّن الأحرار وحراس الأرز والتنظيم والمردة ثمّ فصائل من الجيش اللبناني بعد إنفراط عقده بداية 1976. مسيحيّون آخرون من اليسار وزعماء مسيحيّون مثل ريمون إدّه عارضوا هذا المعسكر وإلتزموا الحياد كما فعلت الأحزاب الأرمنية والحزب الدستوريّ. الفريق المقابل يضمّ المنظمات الفلسطينيّة التي تساندها غالبيّة المسلمين والأحزاب التقدميّة ( التقدمي الإشتراكيّ والشيوعيّ والحزب السوريّ القوميّ الإجتماعيّ) والأحزاب القوميّة العربيّة (المرابطون) والمنظمات القريبة من دمشق إضافة إلى الفصيل المنشق عن الجيش اللّبناني الذي عرف باسم جيش لبنان العربيّ بقيادة أحمد الخطيب. على الصعيد العربيّ والدوليّ وقف إلى جانب المعسكر الأوّل مصر حتى كانون الثاني 1976 وسوريا إعتباراً من حزيران 1976 وسوريا حتى شباط 1976 ( عن طريق جيش التحرير الفلسطينيّ ومنظمة الصاعقة) إضافة إلى العراق وليبيا والجزائر والإتحاد السوفياتي الذي لم يدن التدخل السوري المباشر في حزيران 1976. وهناك جهات دولية عبرت رسميّاً عن وقوفها إلى جانب وحدو لبنان وضدّ تقسيمه بينها فرنسا والفاتيكان والولايات المتحدة إضافة إلى سوريا نفسها والمملكة العربية السعوديّة والمؤتمر الإسلاميّ. عدم التوازن العسكري بين شطري المجتمع اللبناني كان من المفترض أن يملأه الجيش اللبناني وباقي الأجهزة الأمنية اللبنانية من قوى أمن داخلي وأمن عام وجمارك ... إلخ، إلاّ أن عدم الإتفاق السياسي في رأس السلطة السياسية اللبنانية على الدور الممكن إسناده للجيش في وجه الهجمة الفلسطينية المسلّحة هو الذي خلق عدم التوازن العسكري في البلاد. لقد رفض اليسار وممثلوه داخل السلطة اللبنانية تكليف الجيش اللبناني بحفظ الأمن على الأراضي اللبنانية، في وقت غضّ هذا اليسار نفسه النظر عن التصرفات الفلسطينية في مختلف المناطق اللبنانية. فمن المعروف أنّ المنظمات الفلسطينية كانت قد أقامت منذ عام 1968 دولة مسلحة داخل الدولة اللبنانية وخاصة في منطقة العرقوب الجنوبية حيث ركزّت منطقة عسكرية دعيت " أرض فتح" يحظر على القوى الأمنية اللبنانية وخاصة الجيش اللبناني التواجد فيها. كما عمدت القوات الفلسطينية إلى توقيف اللبنانيين وسجنهم وخرجت من مخيماتها مستأجرة الشقق الفخمة في بيروت وباقي المدن اللبنانية، مشكلة بذلك نظاماً عسكرياً متكاملاً في لبنان ومتدخلة في الشؤون اللبنانية الداخلية، بدعم فئة كبيرة من اليسار اللبناني. وإعتبرت المنظمات الفلسطينية أن وجودها فقط في المخيمات يعرضها للضربات الإسرائيلية. لذلك خرجت منها. ففي عام 1973، عندما قامت إسرائيل بغارة على بيروت وإغتالت ثلاثة من كبار القادة الفلسطينيين، كان هؤلاء الثلاثة يقطنون في شقق مدنية في بيروت وليس في المخيمات. هذا الوضع أدى، كما هو معروف إلى حرب مفتوحة بين المنظمات الفلسطينية المسلحة والجيش اللبناني على كامل الأراضي اللبنانية في عام 1969 إنتهت بتوقيع إتفاقية القاهرة التي شرّعت الوجود الفلسطيني المسلح خارج المخيمات ولاسيما في الجنوب. كما سمحت يقيام هذه المنظمات بشن هجوم على شمال إسرائيل منطلقة من جنوب لبنان وبمؤازرة من الجيش اللبناني. وهذا الأمر دفع إسرائيل إلى شن الغزوة تلو الغزوة على لبنان. وفي عام 1973 تجددت الإشتباكات بين الجيش اللبناني والمنظمات الفلسطينية على كامل الأراضي اللبنانية أيضاً. ورغم توصل الجيش اللبناني إلى السيطرة الكاملة على المخيمات وخاصة مخيمات بيروت، فإن السلطة السياسية أجبرته على التراجع عنها، وعادت ووقعت مع المنظمات الفلسطينية إتفاق ملكارت عام 1973 الذي إعتبر ملحقاً  لإتفاقية القاهرة وشرّع مرة أخرى العمل العسكري الفلسطيني على الأراضي اللبنانية. وهكذا خسرت السلطة السياسية بالتفاوض ما أنجزته المؤسسة العسكرية بالقتال ضاربة بعرض الحائط المبدأ الإستراتيجي القائل بأن " الحرب هي متابعة السياسة بوسائل أخرى، وأن السياسة هي قطف ثمار الحرب ونتائجها" . فالحكومة اللبنانية لم تحسن إستثمار الإنتصار العسكري الذي حققه الجيش، بل عادت وقدمت تنازلات للمنظمات الفلسطينية التي شددت منذ 1973 قبضتها العسكرية عل الشعب اللبناني. لقد وجدت الأحزاب اليمينية اللبنانية، وخاصة " الكتائب اللبنانية" و"الأحرار" و"حراس الأرز" و"حزب التنظيم" و"المردة" وغيرها، أن السلطة اللبنانية عاجزة عن إتخاذ قرار التصدي للإنفلاش الفلسطيني المسلح في لبنان. فالخلاف في راس السلطة السياسية اللبنانية على النظرة إلى الكفاح المسلح الفلسطيني، وعلى الدور الواجب إسناده للجيش الوطني، جعل هذه السلطة عاجزة عن معالجة مشكلة عسكرية أساسية وكبيرة في البلاد تجسّدت في الوجود الفلسطيني المسلّح فيها، وفي تصرفات الفصائل الفلسطينية المسلحة بالنسبة للشعب اللبناني. فرغم بدء الأحداث الداخلية العسكرية في 13 نيسان من العام 1975 بشكل بات يهدد الوحدة الوطنية اللبنانية ومصير لبنان، جاءت تصريحات وزير الدفاع يومذاك، وطيلة أحد عشر شهراً على وتيرة واحدة أن "الجيش ينقسم إذا نزل على الشارع" لتجعل المؤسسة العسكرية الأساسية في لبنان دون دور ودون فاعلية، وقابعة في ثكناتها ينظر عسكريوها إل تدمير بلدهم وتشريد شعبهم من قراهم وإغتيال أبنائهم وعائلاتهم. لقد بقي الجيش اللبناني دون دور، وهذا وضع يرفضه الجيش اللبناني عامة. كما كلفت وحداته بالتمركز بين الجبهات المدنية المتحاربة دون تكليفها بمنع الإقتتال وبالسيطرة على مراكز المسلحين. كما فصلت بعض وحدات الجيش للعمل بأمرة قولى الأمن الداخلي، وهذا أمر مستغرب جداً في الجيوش النظامية. وصدرت أوامر يومذاك بأرتداء البزة المدنية أثناء توجههم إلى بيوتهم والعودة منها خوفاً من تعرّف المسلحيين المدنيين عليهم وخطفهم أو التعدي عليهم. لقد بقي الجيش الشرعي دون دور رغم خروج بعض وحداته على القيادة والسيطرة على الثكنات بدعم من القيادة الفلسطينية، ومهاجمة ثكنات أخرى وتهديدها، وصولاً إلى إنقلاب قائد منطقة بيروت العسكرية في الحادي عشر من آذار من العام 1976 على السلطة الشرعية الأمر الذي فرط عقد باقي الوحدات العسكرية التي بقيت ملتزمة بأوامر قيادة الجيش، وشرذمتها وتشكيل قيادات عسكرية مستقلة في بعض المناطق اللبنانية. هذا الأمر دفع الأحزاب اللبنانية ذات التوجه اليميني التي سبق ذكرها إلى إعتماد حل يقضي بقيامها بالواجب العسكري في وجه الهجمة الشرسة للمنظمات الفلسطينية وأنصارها. فقد بدأت هذه الأحزاب بتدريب عناصرها وتحضيرها عسكرياً لقيام بدور الدفاع عن مناطق تواجد أهلها وشعبها ومنع السيطرة الفلسطينية الكاملة على لبنان. ومن أحد هذه الأحزاب أي " حزب الكتائب اللبنانية" إنبثقت القوات اللبنانية التي تابعت دور الكتائب بقيادة قائدها المؤسس الشيخ بشير الجميل الذي عمل على إعتماد نظام المؤسسات داخل القوات وعلى تنظيمها وفقاً للخطوط العسكرية التقليدية. وقد إكتسبت " القوات اللبنانية" هيكلتها التنظيمية بعد إستقلالها النسبي عن قيادة حزب الكتائب وعن " الجبهة اللبنانية". يجمع المراقبون على أن " القوات الللبنانية" كانت الميليشيا الأكثر تطوراُ وتجهيزاً وتدريباً بين الميلشيات اللبنانية. والأهم من ذلك أنها إختزنت وجدان المسيحيين عبر رفعها راية الدفاع عن الوجود المسيحي الحر والفاعل في لبنان. تأسيس القوات اللبنانية جاء بعد سنة على إنطلاق الحرب اللبنانية بهدف توحيد القوى العسكرية في المناطق المسيحية. وكان قرار المؤسس الشيخ بشير الجميل واضحاً: توحيد القوى العسكرية، وفي موازاة ذلك الحفاظ على التعدد الساسي للأحزاب المسيحية وجعلها شريكة في القرار السياسي والعسكري عبر مجلس قيادة " القوات اللبنانية" وعبر الجبهة اللبنانية.
المراجع
Farid el Khazen
1970
The breakdown of the state in Lebanon 1967-1976
أنطوان خويري
١٩٧٠
الحرب في لبنان
دار الأبجدية للصحافة والطباعة والنشر, لبنان
Camille Chamoun Crise au Moyen-Orient Collection L'Air du Temps (no179) Gallimard
Camille Chamoun
1970
Crise au Moyen-Orient
Collection L'Air du Temps (no179)
Gallimard
Marius Deeb
1980
The Lebanese civil war
الاباتي بولس نعمان
١٩٧٠
الإنسان الوطن الحرية: مذكّرات الأباتي بولس نعمان‬
أحصر كلامي بلبنان المعتدى عليه أرضًا وشعبًا، وبالأزمة التي حرّكها الفلسطينيّون ابتداء من النصف الثاني من الستينات، وأنهيه باستشهاد الشيخ بشير الجميل الرئيس المنتخب لجمهورية لبنان في 14 أيلول 1982. وقد كنت خلال هذه الفترة الزمنيّة إمّا عميدًا لكليّة الآداب في جامعة الروح القدس أو رئيسًا عامًّا للرهبانية اللبنانية المارونية وعضوًا في الجبهة اللبنانية، وفي كلتا الحالين، مسؤولًا في المجتمع المدني اللبناني. دخلتُ الأحداث بسبب الفراغ الهائل من جهة، وبسبب الخوف أو تنصّل المسؤولين من عمل الواجب المفروض تجاه إلحاح المجتمع المظلوم والمتألّم، ولم أتصرّف إلاّ برغبة ملحّة من رؤسائي بعد رجوعي من الإختصاص في روما، عندما قصد البطريركيّة المارونيّة بعض الشبّان اللبنانيين مدفوعين بغيرة صادقة وبشعور خفيّ بالخطر المحدق، طالبين الإرشاد والتوجيه من غبطة البطريرك الكاردينال مار بولس بطرس المعوشي، الرجل القوي والشخصيّة القائدة والبعيدة النظر، لأن الأحداث بدأت تتطوّر بسرعة، بعد حرب سنة 1967، وإتّفاق القاهرة سنة 1969، نحو الصراع المفتوح مع الفلسطينيين الذين كانوا يفتّشون عن وطن بديل، خصوصًا بعد فشل محاولاتهم لفرض سيطرتهم على الأردن في أيلول العام 1970. أرسل غبطة البطريرك هذه المجموعة من الشبان إلى قدس الأباتي بطرس القزّي الرئيس العام على الرهبنة اللبنانية المارونيّة، الذي أرشدهم بدوره إلى جامعة الروح القدس حيث كنت في ذلك الحين عميدًا لكلّية الآداب وأستاذًا للتاريخ ومكلّفًا من رئيس الجامعة الأب إسطفان صقر بالتحضير لإنشاء وإفتتاح قسم التاريخ وعلم الآثار. وقد طلبا منّي رسميًّا الإهتمام بأمر هؤلاء الشبان وإرشادهم ومرافقة إجتماعاتهم الدوريّة.
Kamal S. Salibi
1976
Crossroads to civil war: Lebanon, 1958-1976
The author give a thorough analysis of the series of political conflicts and crises that led to Lebanon's 1975 civil war.
Delmar NY : Caravan Books