





لم تكن الشرارة الاولى للمواجهات المسلحة في هذا النهار الا ان الرواية الرسمية للحرب تعتبر ان الحرب اللبنانيّة اندلعت في نيسان سنة 1975 بعد حادثة "البوسطة" ولكن ربما اختصار بدايات الحرب هو بحد ذاته للتعتيم على الحقيقة. وبعد وقف اطلاق نار استمر شهرين استأنفت المواجهات المسلحة في شهر أيلول. عرفت المواجهات المسلحة المتقطعة باسم الجولات ووصل عددها الى 7 بين نيسان وأيلول 1975.
في 11 أيلول 1975، تعرّضت بلدة بيت ملّات في عكار، والتي يَغلب على سكانها الطابع الماروني، لهجوم مسلّح عنيف. أسفر الهجوم عن سقوط عدد من الضحايا، واندلاع حريق أتى على الكنيسة و65 منزلاً. وكانت المحصّلة غير الرسمية ثمانية شهداء وعشرات الجرحى، معظمهم من كبار السنّ والقاصرين.
شهدت البلدة إثر ذلك واحدة من أفظع موجات النزوح في المنطقة، حيث اضطر نصف سكانها إلى مغادرتها: نحو 200 عائلة لجأت إلى كسروان، و200 عائلة أخرى نزحت إلى سوريا. وبحسب الشهادات، فإن المهاجمين كانوا يُجبرون أهالي البلدة عند دخولها على إشهار إسلامهم تحت التهديد، فيرضخون مرغمين، فيما كانت النساء بين المهاجمين يطلقن الزغاريد خلال الاعتداء.
اغتيال 4 شبان كتائبيين في منطقة الفنار على يد قوات الصاعقة المتمركزة قرب تل الزعتر وادت هذه الحادثة المفتعلة الى ردود فعل عشوائية في بيروت اليوم التالي وعرفت حوادث ذلك النهار بالسبت الاسود
بعد تصاعد المواجهات وارتفاع وتيرة المعارك وظهور أسلحة جديدة لدى الفدائيين، بدأت المنظمات الحزبية المسيحية واللبنانية بتنظيم مخيمات تدريبية بدائية لتمكين الشباب والشابات اللبنانيين من معرفة كيفية الدفاع عن النفس.
وفي 14 كانون الأول، أطلقت المجموعات اللبنانية والمسيحية حملةً عسكرية للحد من المخاطر الناتجة عن المخيمات الفلسطينية، مثل مخيم ضبية. وفي 18 كانون الأول، اقتحمت هذه المجموعات المسلحة اللبنانية والمسيحية منطقتَي المسلخ والكرنتينا.
في 20 كانون الأول وعلى خلفية قرار الرئيس حافظ الأسد التدخل بشكل مباشر في الأزمة اللبنانية وإرسال عبرت وحدات من جيش التحرير الفلسطيني تحت قيادة ضباط سوريين الحدود اللبنانية بنحو 3 الاف رجل ودعموا منظمة التحرير الفلسطينية في حصار زحلة. خلال كانون الثاني، كان مقاتلوا الحركة الوطنية اللبنانية والفلسطينية قد تمكنوا من السيطرة على 70% من الأراضي اللبنانية.
حاصرت الفصائل الفلسطينية لقوات الصاعقة وجيش التحرير الفلسطيني المدعومة من سوريا مع ميليشيات الحركة الوطنية كل من الدامور والجية حيث دمر المهاجمون المدينتين بشكل منهجي وانتكبوا مجازر باهلها الذين تركوا بيوتهم مرغمين.
كان الجيش اللبناني قد تفكك على طول الخطوط الطائفية فبدعم ضمني من حركة فتح أعلن الملازم المسلم السني أحمد الخطيب في كانون الثاني سنة 1976 أن عدة وحدات من الجيش اللبناني قد إحتشدت لتشكيل جيش لبنان العربي
14 شباط 1976 توجه سليمان فرنجية ورئيس الوزراء رشيد كرامي إلى دمشق وتوصلا إلى إتفاق حول الوثيقة الدستورية التي أحالها فرنجية إلى الشعب اللبناني. تم اقتراح الاتفاق في ظل معارك عنيفة وانقسام العاصمة بيروت
إحتل العميد المسلم السني عبد العزيز الأحدب الراديو والمحطة التلفزيونية في بيروت وأعلن نفسه حاكماً مؤقتاً في لبنان.
سيطر مقاتلو منظمة التحرير الفلسطينية وميليشيا الحركة الوطنية لاسيما المرابطون السنة على مواقع ميليشيا الكتائب في منطقة الفنادق وسط بيروت وهذا ما أدى إلى إكتمال تقسيم العاصمة إلى شرقية وغربية على طول الخط الأخضر ألذي إمتد من عين الرمانة والشياح على طول الطريق السريع في دمشق عبر ساحة الشهداء إلى البوابة الغربية للميناء، وهو تقسيم عسكري وسياسي وطائفي دام ل 15 سنة
بعد الغياب شبه الكامل للدولة عن المناطق وتدهور الوضع الأمني بشكل متزايد، وتفاقم نفوذ المنظمات الفلسطينية وحلفائها، بدأت تظهر دعواتٌ لتوحيد البندقية والقيادة العسكرية للأحزاب اللبنانية والمسيحية. وقد استُخدم مصطلح «القوات اللبنانية» للمرة الأولى خلال حرب المتن، وذلك للإشارة إلى تحالف الميليشيات المسيحية، والذي لم يكن آنذاك يتمتع بأي هيكلية تنظيمية واضحة
هجوم جيش لبنان العربي والقوى المشتركة على قضاء المتن من صنين وصولا الى بلدة المتينحيث توقف الهجوم بعد معلومات عن تحضيرات ضخمة بدات تتشكل لصد الهجوم من قبل القوى المسلحة اللبنانية من مختلف المناطق وخاصة من المتن
توغل الجيش السوري في وادي البقاع وعكار وشمال لبنان بهدف إعادة إرساء السلام، وانتشرت قواته باتجاه جبل لبنان بموافقة ضمنية من إدارة الرئيس الأميركي جيرالد فورد وإسرائيل. من جهتهما، أيّد بيار الجميل والرئيس السابق كميل شمعون التدخل السوري، في حين انتقد التيار الراديكالي داخل حزب الكتائب وحزب الوطنيين الأحرار والمنظمات المسيحية الأصغر الأخرى تساهُل القادة المسيحيين مع هذا التدخل السوري المسلح في لبنان. والجدير بالذكر أن الدخول السوري لم يأتِ بطلبٍ من أي طرف، بل فُرض نتيجة الضغط العسكري وأحيانًا التدخل المباشر ضد مدنٍ وقرى ومناطق القيادات المسيحية.
في فجر الخامس من تموز عام 1976، نفذت قوات كبيرة من التنظيمات الفلسطينية والمجموعات العشائرية والأحزاب الموالية لسوريا هجوماً واسعاً على بلدة شكا. تقدّرت أعداد هذه القوات بالآلاف، حيث تحركت عبر تلال كفرحزير وسهل أنفه ورأس نحاش وحامات وصولاً إلى نفق شكا، في حين قامت مجموعة فلسطينية أخرى بتنفيذ عمليات إنزال على شاطئ الهري. وخلال أقل من ساعتين، أصبحت شكا محاصرة من جميع الجهات، حيث استُهدفت بآلاف القذائف، فيما واجه هذا الهجوم عشرات فقط من المقاومين اللبنانيين الذين تولّوا الدفاع عن البلدة وسط اجتياح واسع النطاق.
بداية معركة تل الزعتر وفاة القائد العسكري للكتائب وليم حاوي في أرض المعركة ومن ثم تم إنتخب بشير الجميل قائداً لمجلس أمن الكتائب في اليوم نفسه. نفذت عملية تل الزعتر ست ميليشيات مختلفة: التنظيم، النمور، الكتائب وحراس الأرز وحركة الشباب اللبناني وجند المشاة والمدفعية لجيش لبنان المؤلفة من الضباط المسيحيين في الجيش اللبناني برئاسة الرائد فؤاد مالك وتم تنسيق الهجوم من خلال مجلس قيادة عسكرية مشتركة مؤلفة من بشير الجميل وفؤاد روكز(الكتائب) داني شمعون ونبيل كرم (النمور) فوزي محفوظ (التنظيم) وإتيان صقر (حراس الأرز)
20 وقف الرئيس حافظ الأسد في جامعة دمشق أمام هيئات الإدارات المحلية ليلقي خطابه الشهير ويروي فيه قصّة دخول جيشه إلى لبنان. قال يومها إنه عندما أمر بدخول قواته إلى لبنان تحت اسم جيش التحرير الفلسطيني و لم يأخذ إذناً من أحد وأنّه اتصل بعدما أصبحت هذه القوات داخل لبنان بالرئيس سليمان فرنجية ليعطيه علماً بذلك
مع انتهاء معركة تل الزعتر تاكدت الحاجة الى خلق جهاز عسكري موحد، فاجتمع بشير الجميّل مع فوزي محفوظ، زعيم التنظيم، لدفع مشروع توحيد الميليشيات المسيحية. وبعد أيام، دعا قادة الميليشيات المشاركة في معركة تل الزعتر لوضع أسس دمجها تحت قيادة عسكرية واحدة، وتم الاتفاق على تأسيس تنظيم عسكري جديد هو «القوات اللبنانية».
حُدد هدف القوات اللبنانية بتحرير الأراضي اللبنانية من جميع القوات الأجنبية، وتكونت من مجلس قيادة موحّد يضم ممثلين عن الكتائب، والنمور، والتنظيم، وحراس الأرز، بالإضافة إلى رئيس أركان. اتُّخذت القرارات بالأغلبية المطلقة مع احتفاظ الكتائب والنمور معاً بحق النقض. عيّنت الأحزاب أعضاء المجلس لمدة سنة، ينتخب بعدها المجلس قائداً عاماً ونائباً له.
ركّز النظام على تنظيم القوات المسلحة وتوحيد زيّها العسكري وثكناتها وإحصاء أسلحتها ووضعها تحت تصرف القيادة الموحدة. تأسس المجلس رسمياً في 30 آب 1976، وعُيّن العقيد زهير الراشد رئيساً للأركان
بالتوازي مع تشكيل القوات اللبنانية، تمّ إنشاء الجبهة اللبنانية في كانون الثاني ١٩٧٧، وهو مجلس سياسي للقيادة المسيحية في لبنان. وأكد ميثاق الجبهة الحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله السياسي، وأعرب عن استعداد القادة الموارنة للنظر في بعض التعديلات للميثاق الوطني لمصلحة المجتمع المسلم. وحضر قائد القوات اللبنانية بشير الجميّل اجتماعات الجبهة فقط عندما تم التطرق إلى المسائل العسكرية.
أقامت القوات السورية في لبنان، التي تعمل تحت إطار اتفاق الرياض، حواجز في المناطق المسيحية. وسارع بشير الجميّل إلى توجيه الانتقادات اللاذعة إزاء المخالفات التي كان يرتكبها الجنود السوريون. وفي ٢٤ كانون الثاني قام بتنظيم إضرابٍ في بيروت الشرقية، ضد انتشار القوات السورية في الشرقية.
في وقت لاحق، تم اعتقال بشير الجميّل عند نقطة تفتيش سورية في الشرقية، ولم يُفرج عنه إلا بعد تدخل ضابط سوري رفيع المستوى.
اغتيال كمال جنبلاط يوم 16 اذار 1977 هو واثنين من مرافقيه بواسطة مجهولين تبين بعد عدة ايام انهم من المخابرات السورية وتعرض مسيحيو الشوف لردات فعل انتقامية غرائزية اودت ب حياة حوالي 177مدنيا عزل اغلبيتهم من المسيحيين
في أيار١٩٧٧ طالبت الجبهة اللبنانية بإبطال اتفاق القاهرة، وأوصت بإخراج المئتين ألف مدني فلسطيني الذين دخلوا البلد بصورة غير شرعية إلى دول عربية أخرى. كما رفضت الجبهة مناقشة الإصلاحات السياسية قبل تحقيق هذه المطالب. رفض النظام السوري رفضاً قاطعاً الحلول التي قدمتها الجبهة اللبنانية. فاصدر مجلس قيادة القوات اللبنانية الموحدة القرار 39 الذي يدعو كل الميليشيات المسيحية الى تسليم لائحة بكل المعلومات اللازمة المتعلقة بالأسلحة والذخائر التي تحصل عليها وكان التزام كامل من قبل الكتائب والنمور.
بداية المواجهات المباشرة مع الجيش السوري ومجموعات كتائبية من بشري قيادة سمير جعجع ومجموعات مركزية
أعيد انتخاب بشير الجميل قائدًا عاما للقوات اللبنانية، واحتل نبيل كرم منصب العقيد الراشد كرئيس للأركان. وجمّد مجلس القيادة الموحدة مشاريعه الإدارية وخضعت الميليشيات المسيحية لتدريب عسكري مكثف بغية إعداد نفسها للمواجهة المقبلة مع الجيش السوري
اشتبك الجيش اللبناني بقيادة الضابطين سمير الأشقر وإبراهيم طنوس مع القوات السورية التي أقامت حاجزًا أمام المدرسة الحربية في ثكنة الفياضية. أسفر الاشتباك عن عدد كبير من الضحايا، لا سيما في صفوف السوريين . ردت القوات السورية بقصف وحشي على ثكنة الفياضية استمر عدة أيام. بعد ذلك بوقت قصير، انضم التنظيم والنمور إلى المعركة وشاركوا في قتال الشوارع ضد القوات السورية في الأشرفية وعين الرمانة.
احداث الفيضية ظهرت موقف النظام السوري الحقيقي من الاحداث وتحول الدور الى جيش احتلال. وبدا العمل على انقسام الجبهة اللبنانية. وبعد ذلك بوقت قصير، انتقد الرئيس السابق سليمان فرنجية ميل الجبهة اللبنانية إلى توثيق التعاون مع إسرائيل. تزايد التباعد بين سليمان فرنجية والكتائب وبعد سلسلة من الاحداث واغتيالمسؤول في حزب الكتائب في زغرتا جود البايع في 7 حزيران 1978.
فشل وساطة البطريرك الماروني انطونيوس خريش واتخذ حزب الكتائب قرار الرد على هجمات فرنجية ضد قادته وانصاره في شمال لبنان.
اتت حادثة اهدن في 13 حزيران 1978 ومقتل نجل سليمان فرنجية طوني بعد قرار مواجهة اتخذ في المكتب السياسي الكتائبي كرد على مقتل جود البايع.
ادت هذه الحوادث الانتقامية من مسلحي فرنجية الى تهجير الكتائبيين من القرى الشمالية ولجوء القسم الاكبر الى دير ميفوق-جبيل عزل حيث لجؤوا الى رهبان الدير. كانت هذه التطورات السبب المباشر لتاسيس ثكنة القطارة بقيادة سمير جعجع
مجزرة نفذها الجيش السوري في بلدات القاع ورأس بعلبك وجديدة الفاكهة
بالاستناد الى احد التقارير السرية الذي تلقته الاجهزة الامنية في تلك الفترة <أنه نحو الساعة السادسة من مساء الثلاثاء 27 حزيران، شوهدت عناصر
لوحدات الخاصة السورية في بلدة القاع بقيـــــادة ضابط برتبة رائد يدعى علي ديب، تقوم بنــــزع ثيـــــابها العسكريـــــة وارتــــــداء ثيــــــاب مدنيــــة، قـــــــامت بدخــــــول أحيــــــاء بلـــــدة رأس بعلبك، حيث تم اقتياد مجموعة من ستة شبان، وفي الوقت نفسه دخلت مجموعة أخرى بلدة جديدة الفاكهة لتقتاد خمسة آخرين، وقامت قوة من المجموعة نفسها بمداهمة بلدة القاع وكانت تحمل لائحة تضم أسماء بعض أبناء القاع، واعتقلت 15 شاباً من منازلهم.
وفق التقرير ان العديد من الأهالي تعرفوا على المسلحين وتحدثوا مع عدد منهم، وان إحدى السيدات من قرية البزالية البعلبكية أخبرت أحد عناصر الأجهزة الأمنية اللبنانية أنها شاهدت سيارات عسكرية سورية تنقل أشخاصاً مدنيين شرق البلدة في محلة وادي الرعيان، وسمعت لاحقاً دوي إطلاق رصاص بغزارة، ثم شاهدت السيارات تعود خالية من الأشخاص، وعلى أثر المعلومات التي أدلت بها السيدة توجه العنصر اللبناني إلى الموقع الذي أشارت إليه فوجد جثث 26 شاباً مكبلي اليدين من الوراء ومرمية على الأرض وممزقة بالرصاص.
بدأت حرب المئة يوم وفي حلول منتصف تشرين أصبح جلياً أن الحرب السورية ضد القوات اللبنانية والجبهة لم تحقق أهدافها ودعا مجلس الأمن إلى وقف القتال وفسرت القوات بيان مجلس الأمن الدولي على أنه شكل من أشكال الإعتراف الدولي بمكانتها.
حرب المئة يوم تمكنت من خلالها القوات من تسجيل إنتصار سياسي وتعزيز موقعها العسكري في بيروت الشرقية كما شهدت الصعود السريع لبشير الجميل.